للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما يأتي عند الخطبة ولا يتقدم، ولو كان هذا من الخير لكان أول فاعل له رسول الله .

وكذلك أيضاً هنا دليل نظري وهو: أن الإمام يُنتظر ولا ينتظر، أي: الناس ينتظرونه، أما هو فلا ينتظر الناس فإذا جاء شرع في الصلاة.

عَلَى أَحْسَنِ هَيْئَةٍ إِلاَّ المُعْتَكِفَ فَفِي ثِيَابِ اعتِكَافِهِ.

قوله: «على أحسن هيئة»، أي: يسنّ أن يخرج على أحسن هيئة، وهذا يشمل الإمام والمأموم، في لباسه وفي هيئته كأن يحف الشارب، ويقلّم الأظفار، ويتنظّف، ويلبس أحسن ثيابه. وهذا يختلف باختلاف الناس، فمن الناس من أحسن ثيابهم القمص، ومن الناس من أحسن ثيابهم الثياب الفضفاضة، ومن الناس من أحسن ثيابهم المشالح مع ما تحتها، وذلك إظهاراً للسرور والفرح بهذا اليوم، وتحدثاً بنعمة الله تحدثاً فعلياً؛ لأن الله إذا أنعم على عبده نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

قوله: «إلا المعتكف ففي ثياب اعتكافه» أي: ينبغي أن يخرج المعتكف في ثياب اعتكافه، ولو كانت غير نظيفة، [قالوا]: لأن هذه الثياب أثر عبادة فينبغي أن يبقى أثر العبادة عليه، كما يشرع في دم الشهيد أن يبقى عليه؛ لأنه أثر عبادة، ولكن هذا القول في غاية الضعف أثراً ونظراً.

أما الأثر: فإن النبي كان يعتكف، ومع ذلك يلبس أحسن الثياب (١)، فهذا القول مخالف للسنّة.


(١) لما روى جابر أن النبي : «كان يعتم ويلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة».
أخرجه الشافعي في «الأم» (١/ ٢٠٦)؛ وعبد الرزاق (٥٣٣١)؛ وابن خزيمة (١٧٦٦)؛ والبيهقي (٣/ ٢٤٧، ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>