للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتوسَّلَ إلى الله بعتق هذه الأعضاء إلى أن يعتق جميعَ البَدَنِ لسريان العتق إليه.

وَيُجَافِي عَضُدَيْه عَنْ جَنْبَيْه، وبَطْنهُ عَنْ فَخِذَيْهِ، وَيُفَرِّقُ رُكْبَتَيْهِ، ..........

قوله: «ويجافي عضديه عن جنبيه». الفاعل المُصلِّي السَّاجد، يجافي عضديه عن جنبيه، يعني: يبعدهما؛ لأنه ثَبَتَ عن النبيِّ أنه كان يفعل ذلك، حتى إنَّ الصحابة يرِقُّون له من شدَّة مجافاته صلوات الله وسلامه عليه (١)، وحتى إنه ليُرى بياضُ إبطه من شدَّة مجافاته (٢)، وحتى إنه لو شاءت أن تمرَّ البَهْمَةُ ـ وهي صغار الغنم ـ من تحته لمرَّت من شدَّة مجافاته (٣).

ويُسْتثنى من ذلك: ما إذا كان في الجماعة؛ وخشي أن يؤذي جاره، فإنه لا يُستحبُّ له؛ لأذيَّة جاره، وذلك لأن هذه المجافاة سُنَّةٌ، والإيذاء أقلُّ أحواله الكراهة، ولا يمكن أن يفعل شيء مكروه مؤذٍ لجاره مشوِّش عليه من أجل سُنَّة، ولهذا استثنى العلماء ذلك، فقالوا: ما لم يؤذِ جاره، فإن آذى جاره فلا يفعل. ولكن اعلمْ أنك متى تركت السُّنَّةَ لدرء المفسدة ـ والله يعلم أنه لولا ذلك لفعلت ـ فإنه يكتب لك أجرها، فإن الرَّجُلَ إذا تَرَكَ العملَ لله عوَّضه الله ﷿، بل حتى إذا تركه بغير اختياره، قال : «إذا مَرِضَ العبدُ، أو سافرَ، كُتِبَ له مثلُ ما كان يعملُ مقيماً صحيحاً» (٤).


(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣٠)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب صفة السجود (٩٠٠)؛ وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب السجود (٨٨٦).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب يُبدي ضبعيه ويجافي في السجود (٣٩٠)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب الاعتدال في السجود … (٤٩٥) (٢٣٥).
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب الاعتدال في السجود (٤٩٦) (٢٣٧).
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة (٢٩٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>