للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعنايةُ بكمالهما جميعاً؛ بكمال البواطن وكمال الظواهر.

وإنِّي والله، وأشهد الله، أننا لو أقمنا الصَّلاةَ كما ينبغي؛ لكُنَّا كُلَّما خرجنا من صلاة؛ نخرج بإيمان جديد قوي؛ لأن الله يقول: ﴿اتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ الآية [العنكبوت: ٤٥].

لكن؛ نسألُ اللهَ أن يعاملنا بعفوه؛ ندخل فيها بقلب ونخرج بقلب، هو القلب الأول؛ لأننا لا نأتي بما ينبغي أن نأتيَ به مِن خضوع القلب وحضوره؛ وشعوره بهذه التنقُّلات؛ التي هي رياض متنوِّعة وأفعال مختلفة، وأقوال هي ما بين قراءة كلام الله ﷿، وذكره وتعظيمه، وتكبيره ودعائه، والثناء عليه، ووصفه بأكمل الصفات «التحيات لله والصلوات … إلخ»، فهي رياض عظيمة، لكن فينا قصور مِن جهة مراعاة هذه الأسرار.

وقد وَرَدَ في الحديث: «إن الله حَرَّمَ على النَّار أن تأكل أثَرَ السُّجود» (١) فيمن يدخل النارَ من العُصاة؛ لأن عُصاةَ المؤمنين إذا لم يَتُبِ الله عليهم، ولم يكن لهم حسنات ترجح على سيئاتهم، فإنهم يُعذَّبون بالنار بقَدْرِ ذنوبهم؛ لكن أعضاء السُّجود محترمة لا تأكلها النار، ولا تؤثر فيها، ولهذا قال بعضهم:

يا ربِّ أعضاءَ السُّجودِ أعتقتَها … مِن فَضْلِكَ الوافي وأنت الباقي

والعتقُ يسري في الغني يا ذا الغنى … فامْنُنْ على الفاني بعتق الباقي


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب فضل السجود (٨٠٦)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية (١٨٢) (٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>