للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: مَا لِي بَيِّنَةٌ، أَعْلَمَهُ الْحَاكِمُ أَنَّ لَهُ الْيَمِينَ عَلَى خَصْمِهِ، عَلَى صِفَةِ جَوَابِهِ، فَإِنْ سَأَلَ إِحْلَافَهُ أَحْلَفَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ، وَلَا يُعْتَدُّ بِيَمِينِهِ قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْمُدَّعِي، وَإِنْ نَكَلَ قَضَى عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: إِنْ حَلَفْتَ وَإِلاَّ قَضَيْتُ عَلَيْكَ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قَضَى عَلَيْهِ، وَإِنْ حَلَفَ المُنْكِرُ ثُمَّ أَحْضَرَ المُدَّعِي بَيِّنَةً حَكَمَ بِهَا، وَلَم تَكُنِ الْيَمِينُ مُزِيْلَةً لِلْحَقِّ.

قوله: «وإن قال المدعي: ما لي بينة» «ما» نافية، يعني ليس لي بينة، والبينة سيأتي ـ إن شاء الله ـ أنها تختلف باختلاف المشهود به، فقد تكون رجلاً وامرأتين، وقد تكون رجلين، وقد تكون امرأةً واحدةً، حسب المشهود به كما سيأتي إن شاء الله.

وقوله: «ما لي بينة» هنا نقول: إنه ينبغي للمدعي أن يقول: لا أعلم لي بينة؛ لأنه قد يكون هناك بينة لم يعلم بها، أو نسيها، ثم إذا أقامها بعد أن قال: ما لي بينة، فإنها لا تسمع على المشهور من المذهب كما سيأتي إن شاء الله، فالأحسن أن يقول: لا أعلم لي بينة.

قوله: «أعلمه الحاكم أن له اليمين على خصمه على صفة جوابه» لا على حسب دعوى المدعي، فإذا لم يكن لك بينة وأنكر المدعى عليه نقول: إن لك اليمين على خصمك على صفة جوابه، لا على ما ادعيت، فمثلاً إذا قال: أدعي بمائة، وقال الخصم: إنه لا يستحق عليَّ إلا خمسين فكيف يحلف؟ يقول: والله لا يستحق عليَّ إلا خمسين، ولا حاجة إلى أن يقول: والله لا يطلبني مائةً؛ لأنه ما يُلزم باليمين إلا على صفة ما أجاب به، فيُحلّف على صفة ما أجاب به، والدليل قول النبي : «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» (١)، والتعليل أن اليمين في


(١) أخرجه البيهقي (١٠/ ٢٥٢)، وأخرجه الترمذي والدارقطني بلفظ: «البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه». وأصله في الصحيحين بدون قوله: «البينة على المدعي».

<<  <  ج: ص:  >  >>