للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَاقِلٍ، مُلْتَزِمٍ، عَالِمٍ بالتَّحْرِيمِ، فَيُقِيمُهُ الإِْمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، .....

ثانياً: قوله: «عاقل» وضده المجنون، فالمجنون لا يجب عليه الحد؛ لحديث: «رفع القلم عن ثلاثة … » (١)، ولأنه ليس له قصد تام يعرف به ما ينفعه ويضره، فيُقْدِم أو يحجم، وهل يعزَّر؟

الجواب: لا يعزر؛ لأنه لو عزر ما انتفع، لكن لا نتركه يفسد أموال الناس، ويحرق الدكاكين، بل لا بد أن يمنع ولو بالحبس، إما عند وليه، وإما في الحبس العام، فالمهم أنه لا يترك والفساد؛ لأن الله ﷿ يقول: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [المائدة: ٦٤]، ويقول: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة:٢٠٥]، فالذي لا يحبه الله لا يجوز لنا أن نمكن منه أبداً.

فكل فساد للدين أو للدنيا فإنه يجب على ولاة الأمور، ومن قدر من غير ولاة الأمور أن يمنع منه؛ لأن الله لا يحبه، فإذا كان لا يحبه الله فكيف نمكن منه؟!

ثالثاً: قوله: «ملتزم» يعني ملتزماً لأحكام الإسلام، سواء كان مسلماً أم كافراً، والملتزم هو المسلم والذمي فقط، وهو غير المعصوم، فالمعصوم تقدم أنهم أربعة أصناف: المسلم، والذمي، والمعاهَد، والمستأمِن، أما الملتزم فصنفان فقط، وهما المسلم والذمي؛ لأن الذمي ملتزم بأحكام الإسلام، لكنه لا يقام عليه الحد إلا فيما يعتقد تحريمه، أما ما يعتقد حله فلا يقام عليه الحد، ولو كان حراماً عند المسلمين، ولهذا لا نقيم عليهم الحد في شرب الخمر، ونقيم عليهم الحد في الزنا؛ لأن الزنا محرم


(١) سبق تخريجه ص (٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>