للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعدٍّ ولا تفريط، فإذا قلنا: إن وضع المال فيه وديعة، فلا ضمان عليه، وإذا قلنا: إنه يتصرف فيه بإذن صاحب المال للبنك صار ضامناً، كما لو احترق مال المستقرض فإن القرض ثابت في ذمته.

إِذَا تَلِفَتْ مِنْ بَيْنِ مَالِهِ وَلَمْ يَتَعَدَّ وَلَمْ يُفَرِّطْ لَمْ يَضْمَنْ. وَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا، فَإِنْ عَيَّنَهُ صَاحِبُهَا فَأَحْرَزَهَا بِدُونِهِ ضَمِنَ، وَبِمِثْلِهِ أَوْ أَحْرَزَ فَلَا. .....................

قوله: «إذا تلفت من بين ماله ولم يتعد ولم يفرط لم يضمن» وإن تلفت مع ماله فمن باب أولى، فقوله: «إذا تلفت» يعني الوديعة «من بين ماله» بأن احترقت أو أفسدها المطر أو سرقها السراق دون أن يتأثر ماله بذلك، فلا ضمان على المودَع؛ لأنه أمين قبض المال بإذن من مالكه، فكل من قبض مال غيره بإذن منه أو من الشارع فإن يده يد أمانة، والقاعدة في الأمين أنه لا يضمن ما تلف تحت يده إلا بتعدٍّ أو تفريط بدليل قول الله تعالى: ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [التوبة: ٩١] والمودَع محسن، فإذا كان محسناً فلا ضمان عليه، لكن إن تعدى أو فرط ضمن.

فإن تعدى بأن أخذ الوديعة، أو فك قيدها، أو فرط بأن وضعها في غير حرز ضمن، والفرق بين التعدي والتفريط من حيث العموم، أن التعدي فعل ما لا يجوز، والتفريط ترك ما يجب، فإذا كان المودَع طعاماً فأكله المودَع عنده، فهذا تعدٍّ، وإذا كان طعاماً وأبقاه في ليالي الشتاء في الخارج فتلف، فهذا تفريط؛ لأنه ترك ما يجب.

فإذا قال قائل: لماذا قال المؤلف: «من بين ماله» ولم يقل: إذا تلفت ولم يتعدَّ ولم يفرط لم يضمن؟

<<  <  ج: ص:  >  >>