للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: إنه قال هذا إشارة إلى قول بعض العلماء إنها إذا تلفت من بين ماله فهي مضمونة مطلقاً؛ لأن تلفها من بين ماله يدل على نوع تفريط، وإلا فما الذي جعلها تتلف دون ماله؟!

ولكن الصحيح ما قاله المؤلف: أنه لا ضمان على المودَع عنده إلا بتعدٍّ أو تفريط.

ثم قال مبيناً ما يجب على المودَع عنده:

«ويلزمه» أي: المودَع عنده.

قوله: «حفظها في حرز مثلها» الحرز ما يصون الشيء ويحميه، وهو يختلف بعدة اعتبارات، فيختلف باختلاف الأموال وباختلاف البلدان وباختلاف السلطان قوة وضعفاً وعدلاً وجَوراً، وباختلاف الأموال، فليس حرز الذهب والفضة كحرز الأواني، فالأواني تودع في ظاهر البيت في الحجر والغرف بدون أغلاق وثيقة، والذهب والفضة في الصناديق في أغلاق وثيقة، والمواشي كالإبل حرزها الحوش المحصن القوي، والضأن في حوش دون ذلك.

وكذلك تختلف باختلاف البلدان، فالبلد الذي فيه جنود الأمن منتشرة ليس كالبلد مفتوح الأبواب ليس فيه أحد من قوى الأمن، فهذا أولى بالتحرز، وكذلك في السلطان، فالسلطان إذا كان قوياً هان الاحتراس، وإذا كان ضعيفاً يجب أن يشتد الاحتراس، وكذلك في العدل والجور.

فإذا أودعه شاة أيضعها في الصندوق الوثيق؟! لا، فلو فرض أنه وضعها لصار ضامناً؛ لأنه تعدى إذ ليس هذا مكاناً لها.

قوله: «فإن عينه صاحبها» أي: عيَّن الحرز.

<<  <  ج: ص:  >  >>