فإنه يقتص منه، ويكتفى؛ لأن الله ـ تعالى ـ لم يذكر شيئاً سوى المقاصة.
وكذلك نقول: ولا دية، ونكتفي بالدية عن التعزير، فلو جنى جناية ليس فيها كفارة، ولا قصاص، ولا حد، لكن فيها دية، فهل نقول: ديتها كفارتها، أو لا؟
الجواب: ظاهر كلام المؤلف: لا؛ لأن الدية حق للآدمي، والتعزير حق لله، بدليل أن الذي يجني على شخص جناية ليس فيها قصاص قد فعل أمرين: الأول: اعتدى على حق الله؛ لأن الله حرم علينا أن نعتدي على من له حرمة، الثاني: حق الآدمي.
وإذا كان كذلك فنقول: حق الآدمي له، وحق الله لله، ولهذا أوجب الله في قتل الخطأ كفارة ودية، الكفارة لله والدية للآدمي، وهذا محل نظر، فقد يقال: إننا نؤدبه مراعاة للحق العام، حتى لا تنتشر الفوضى، ولا يقتل الناس بعضهم بعضاً، وقد يقال: إننا نكتفي بالدية عن التأديب؛ لأنها نوع من التعزير.
والرسول ﷺ ما قال: كل معصية لا حد فيها ولا كفارة فأدبوا فيها، لكن نرى قضايا متعددة فيها التعزير، ويمكن أن نأخذ من هذه الأفراد هذه القاعدة التي ذكرها المؤلف بقوله:«وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة».
ولكن ما ورد به النص من التعزير لا يكون للإمام الخيار فيه، كالخمر، وكتم الضالة، وتحريق رحل الغال، ولا يقال: راجع لاجتهاد الإمام، بل لا بد أن ينفذ.