هذا الفصل في نفقة البهائم، والبهائم جمع بهيمة، وهي تقال مطلقة ومقيدة، فيقال: بهائم، ويقال: بهيمة الأنعام، فإذا قيدت ببهيمة الأنعام فتكون من الأصناف الأربعة التي ذكرها الله ﷿ في سورة الأنعام، فقال سبحانه: ﴿وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ *ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ﴾ [الأنعام: ١٤٢، ١٤٣] الآية، ثم قال سبحانه: ﴿وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ﴾ [الأنعام: ١٤٤]، فبهيمة الأنعام عند الإضافة يراد به هذه الأصناف الأربعة.
وأما إذا أطلقت الأنعام فالمراد بها كل الدواب، وسميت بذلك من البُهم؛ لأن هذه البهائم لا تستطيع أن تعبِّر عما في نفسها، فإذا جاعت أو عطشت لا تتكلم، وتقول: أريد ماءً أو علفاً، بل غاية ما عندها أن تمد صوتها، لكن هل لها لغة معروفة فيما بينها؟ نعم، كل البهائم ـ بإذن الله ـ لها لغة معروفة فيما بينها من جنسها، ولهذا قال داود وسليمان ﵉: ﴿عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ﴾ [النمل: ١٦]، وسبب وجوب النفقة على البهائم هو الملك.
قوله:«وعليه علف بهائمه، وسقيها، وما يصلحها» أي: يجب عليه العلف والسقي وما يصلحها، ودليله قوله ﷺ:«كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت»(١)، وأخبر ﷺ: «أن امرأة دخلت النار
(١) أخرجه أحمد (٢/ ١٦٠)، وأبو داود في الزكاة/ باب في صلة الرحم (١٦٩٢) عن عبد الله بن عمرو ﵄، وصححه الألباني في الإرواء (٣/ ٤٠٦).