للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هرة حبستها حتى ماتت، لا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض» (١).

وقوله: «وما يصلحها» أي: ما يقيها الضرر، فيلزمه أن يجعلها تحت سقف يقيها من الحر أو البرد، إذا كانت تتأثر بالحر أو البرد، فإذا كانت لا تتأثر فإنه لا يلزمه.

وقوله: «ما يصلحها» يشمل أيضاً ما إذا كان فيها جرح أو شيء يؤلمها، ويمكنه أن يعالجها فإنه يلزمه، ومن ثم احتاج الناس إلى البياطرة؛ لأنه لا يمكن أن يدعها تتألم وهو يمكن أن يزيل ألمها، فإن حاجتها إلى إزالة ما يؤلمها قد تكون أشد من حاجتها إلى الأكل والشرب.

قوله: «وأن لا يحملها ما تعجز عنه» أي: وعليه أيضاً ألاَّ يحملها ما تعجز عنه؛ لأنه إذا حملها ما تعجز عنه شق عليها ذلك، ولكن كيف نعلم أن ذلك يشق عليها أو تعجز عنه؟ نعلم ذلك من حال البهيمة، فالضأن لا يمكن أن يحمل ما تحمله البقرة، والبقر لا يحمل ما تحمله الإبل، والضعيف منها لا يحمل ما يحمله القوي، وهذا شيء يعرف بظاهر الحال، فيجب عليه أن يرحمها.

وقوله: «ما تعجز عنه» لم يقل: «وألا يحملها ما لم تجرِ العادة بتحميلها إياه»، وعلى هذا فيجوز أن يحمّلها ما لم تجر العادة تحميلها إياه، مثل أن يستعمل البقر في الحمل، ويستعمل الإبل في الحرث، والمعز في ركوب الأطفال، فهذا لا بأس به إذا لم يشق عليها.


(١) أخرجه البخاري في المساقاة/ باب فضل سقي الماء (٢٣٦٥)، ومسلم في الحيوان/ باب تحريمه قتل الهرة (٢٢٤٢) عن ابن عمر .

<<  <  ج: ص:  >  >>