للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنه إذا كان تصرف الوكيل فيه خيرٌ للموكل فينبغي أن ينفذ؛ لأن مطالبة الموكل بنقد البلد مع أن ما باع به أغلى، ما هو إلا إضرار، وقد قال النبي : «لا ضرر ولا ضرار» (١).

وإِنْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ المِثْلِ أَوْ دُونِ ما قَدَّرَهُ لَهُ أَوْ اشْتَرَى لَهُ بِأكثَرَ مِنْ ثَمَنِ المِثْلِ أَوْ ممَّا قَدَّرَهُ لَهُ صَحَّ وَضَمِنَ النَّقْصَ والزِّيادَةَ .....

قوله: «وإن باع بدون ثمن المثل» هذا تصرف مخالف للوكالة لكنه ليس مخالفاً لها في أصل العقد، بل في وصف العقد، ولهذا يصح ويضمن.

مثاله: قال له: بع سيارتي، وكانت هذه السيارة يُباع مثلها بأربعين ألفاً، فباعها بخمسة وثلاثين ألفاً.

يقول المؤلف: إن البيع صحيح؛ لأنه تعلق به حق لإنسان وهو المشتري فلا نبطل حقه بسوء تصرف غيره، ولأن الوكالة لم تتعد البيع، أي: لم يهبه لأحد أو يعطه إياه مضاربة أو يوقفه؛ بل باعه لكنه خالف في الوصف؛ لأنني من حين أقول: بع السيارة إنما أريد أن تبيعها بثمن المثل، فعلى هذا يصح البيع ويضمن الوكيل النقص؛ لأنه من المعلوم أن الإذن المطلق ينصرف إلى ما تعارف عليه الناس وهو ثمن المثل، فالوكيل باعها بخمسة وثلاثين ألفاً وقيمتها في السوق أربعون ألفاً، إذاً تبقى السيارة مع المشتري؛ لأن البيع صحيح، وعلى الوكيل أن يضمن لصاحب السيارة خمسة آلاف ريال، التي هي قيمة النقص، فإن عفا عنه فالحق له.

وظاهر كلام المؤلف أنه ضامن مطلقاً حتى وإن اجتهد


(١) سبق تخريجه ص (٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>