قوله:«باب المساقاة» أصل المساقاة مساقية، لكن تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً، فهي مفاعلة، والمفاعلة لا تكون غالباً إلا من طرفين، وقولنا: لا تكون غالباً احترازاً من غير الغالب، ومنه: سافر يسافر مسافرة، فليس معه أحد يغالبه في السفر، لكن الغالب أن المفاعلة لا تكون إلا بين اثنين.
إذاً المساقاة عقد بين اثنين، وهي أن يدفع شجراً لمن يقوم عليه بجزء من ثمره.
وهي جائزة بالدليل العام والسنة، والنظر الصحيح.
أما الدليل العام فهو أن الأصل في المعاملات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه.
أما السنة فإن النبي ﷺ لما فتح خيبر، طلب منه أهلُها أن يعاملَهم وقالوا: نحن نكفيكم المؤونة ولنا شطر الثمر؛ لأن أهل خيبر كانوا عالمين بالفلاحة، والصحابة ﵃ كانوا مشتغلين بالجهاد عن العمل في هذه المزارع، فعاملهم النبي ﷺ بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع (١)، والشطر النصف.
وأما النظر الصحيح؛ فلأنها من المصلحة، فقد يكون الإنسان مالكاً لبساتين كثيرة ويعجز عن القيام بما تحتاجه هذه