للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البساتين عجزاً بدنياً أو عجزاً مالياً فيكون حينئذٍ بين أمرين، إما أن يهمل هذا الشجر فيموت ويهلك وهذا فساد وإضاعة مال، وإما أن يعطيه من يعمل به بأجرة، وهذا قد يكون شاقاً عليه، فهو جائز لكن قد يشق على صاحب المال، وقد يكون هناك أناس عاطلون عن العمل يحتاجون إلى عمل، فإذا انضم كثرة البساتين عند هذا، وحاجة العمال إلى العمل، صار من المصلحة أن نُجَوِّز المساقاة، ونقول: ادفعها لهؤلاء العمال بجزء من الثمرة.

فاتضح الآن أن المساقاة تكون على شجر، وليس على أرض، ولا على زرع، فهل هي من العقد الجائز من ناحية الحكم التكليفي أو من المحرم؟

الجواب: هي من العقود الجائزة، والدليل عدم الدليل؛ لأنها معاملة، والأصل في المعاملات الحل والإباحة، فإذا لم يقم دليل على التحريم فهي حلال، وإن شئنا قلنا: الدليل هو انتفاء الدليل المُحَرِّم وثبوت الدليل المُجَوِّز، وذلك في معاملة أهل خيبر، وأن المصلحة تقتضيها، فهي إذاً جارية على القياس، وذلك خلافاً لمن قال: إنها جارية على خلاف القياس؛ لأن الجزء المشروط للعامل مجهول، فإن هذا الشجر قد يثمر ثمراً كثيراً يقابل أضعاف ما أنفق العامل عليه، وقد يثمر ثمراً قليلاً، وقد لا يثمر شيئاً فيكون العامل خاسراً، لذلك كان نصيب العامل مجهولاً، فيقال: هذه نظير المضاربة تماماً؛ لأن المضاربة يأخذ العامل الدراهم ويسافر ويتعب ويربح ربحاً كثيراً عظيماً، وفي النهاية

<<  <  ج: ص:  >  >>