قوله:«يُقَاتَلُ أَهْلُ بَلَدٍ تَرَكُوْهُمَا»، والذي يِقاتِلهم الإمام إلى أنْ يُؤذِّنُوا، وهذا من باب التعزير لإقامة هذا الفرض، وليس من باب استباحة دمائهم، ولهذا لا يُتْبَع مُدْبِرُهم، ولا يُجْهَزُ على جَريحِهم، ولا يُغْنَمُ لهم مالٌ، ولا تُسْبَى لهم ذُرِّيَّة؛ لأنَّهم مسلمون، وإنما قُوتلوا تعزيراً، ودليل ذلك: أنَّ الأذان والإقامة هما علامة بلاد الإسلام، فقد كان النبيُّ ﷺ إذا غزا قوماً أمسك حتى يأتيَ الوقتُ، فإن سمعَ أذاناً كَفَّ، وإلا قاتلهم (١). فهما من شعائر الإسلام الظَّاهرة.
وقوله:«تركُوهُمَا»، يحتمل تركوهما جميعاً، أو تركوا واحداً منهما. فإن تركوهما أو تركوا الأذان فقتالهم ظاهر؛ لأن الأذان من العلامات الظَّاهرة، وإن تركوا الإقامة يحتمل أن يقاتلوا؛ لأنَّها علامة ظاهرة، لكنَّها ليست كالأذان؛ لقوله ﷺ:
(١) رواه البخاري، كتاب الأذان: باب ما يُحقن بالأذان من الدماء، رقم (٦١٠)، ومسلم، كتاب الصلاة: باب الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر إذا سُمع فيهم الأذان، رقم (٣٨٢) من حديث أنس بن مالك.