للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني يقول: تحل ذبيحته؛ لأنه غير مرتد، فهنا يأكلها من لا يكفِّره، ومن كفَّره لا يأكلها، نعم لو أن من يقول بعدم ردته يترك أكلها تعزيراً له وهجراً لما عمل لعله يرتدع، فلو فعل ذلك لكان خيراً.

الثَّانِي: الآلَةُ: فَتُبَاحُ الذَّكَاةُ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ وَلَوْ مَغْصُوباً مِنْ حَدِيدٍ وَحَجَرٍ وَقَصَبٍ وَغَيْرِهِ، إِلاَّ السِّنَّ والظُّفُرَ.

قوله: «الثاني: الآلة» أي: الثاني من شروط حل الذكاة الآلة، فلا بد أن يكون الذبح بآلة، فلا يصح الخنق، ولا التردية ـ أي: أن يرديها من الجبل حتى تموت ـ ولا الحذف بأن يحذفها بشيء حتى تموت، ولا الضرب، فكل هذا لا تحل به الذبيحة، بل لا بد من آلة، ولا بد في هذه الآلة من أن تكون محدَّدة؛ ولهذا قال المؤلف:

«فتباح الذكاة بكل محدد» أي: له حد يقطع، أما إذا لم يكن له حد فلا تحل الذكاة به، فلو صعقها بالكهرباء فلا تحل؛ لأنها غير محددة، ولا تنهر الدم، ولا بد من آلة محدَّدة تنهر الدم، أي: تجعله يسيل.

قوله: «ولو مغصوباً» «لو» هذه إشارة خلاف؛ لأن بعض العلماء يقول: إن الآلة المغصوبة، أو المحرَّمة لحق الله كالذهب والفضة، لا تحل الذكاة بها؛ لأن ما ترتب على غير المأذون فهو فاسد؛ لقوله : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (١)، فإذا غصب إنسان سكيناً من شخص، أو سرقها ثم ذبح بها فعلى كلام المؤلف تحل الذبيحة، وعلى القول الثاني لا تحل، وحجة


(١) أخرجه البخاري في الصيام/ باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم (١٩٠٣) عن أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>