للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله باختياره؛ لأن الأصل في الفعل أن يكون اختيارياً.

والصواب خلاف هذا فليس القبض شرطاً ولا استدامته شرطاً.

وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ بغَيْرِ إِذْنِ الآخَرِ إلاَّ عِتْقَ الرَّاهِنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الإِثْمِ وَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ رَهْنَاً مَكَانَهُ وَنَمَاءُ الرَّهْنِ وَكَسْبُهُ وَأرْشُ الجِنَايَةِ عَلَيْهِ مُلْحَقٌ بِهِ وَمُؤونَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ وَكَفَنُهُ وَأُجْرَةُ مَخْزَنِهِ.

قوله: «ولا ينفذ تصرف واحد منهما فيه» يعني لو أن أحدهما أي: الراهن أو المرتهن، تصرف فيه بأي تصرف فإنه لا ينفذ، لماذا؟

الجواب: أما كون الراهن لا ينفذ تصرفه؛ فلأن الرهن مشغول بحق غيره، وتصرفه فيه إبطال لحق الغير، وأما كون المرتهن لا يملك التصرف؛ فلأن المرتهن ليس مالكاً ولا قائماً مقام المالك، فالرهن ملك للراهن له غُنمه وعليه غُرمه، فلا يصح أن يتصرف، لا الراهن، ولا المرتهن في المرهون.

وظاهر كلام المؤلف سواء كان هذا التصرف نقلاً لملكية العين أو لمنافعها، فمعناه أن الراهن لا يبيع المرهون ولا يؤجره، وعلى هذا فيبقى الرهن معطلاً إذا امتنع كل منهما أن يأذن للآخر.

فلو أن الإنسان رهن بيتاً في دين، والدين خمسمائة ألف، والبيت تساوي أجرته خمسين ألفاً، فطلب الراهن من المرتهن أن يؤجر البيت لينتفع بالأجرة فأبى المرتهن، أو طلب المرتهن من الراهن أن يؤجر البيت فأبى الراهن، فإن البيت يبقى معطلاً لا ينتفع به أحد، وهذا القول كما ترى فيه شيء من إضاعة المال.

والصواب أنه إذا طلب أحدهما عقداً لا يُضِرُّ بحق المرتهن فإن الواجب إجابته، وأن الممتنع منهما يجبر على استغلال هذا النفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>