والثاني يقول: اطمأننت في الرُّكوع بقَدْرِ أن أقول: «سبحان رَبِّي» فقط ثم رفعتُ، على القول بأنها السُّكون وإنْ قَلَّ يكون قد أدَّى الركن، فصلاتُه صحيحة، وعلى القول الثاني لم يُؤدِّ الرُّكن، فصلاتُه غير صحيحة.
والأصحُّ: أنَّ الطُّمأنينة بقَدْرِ القول الواجب في الرُّكن، وهي مأخوذة من اطمأنَّ إذا تمهَّل واستقرَّ، فكيف يُقال لشخص لمَّا رَفَعَ من الرُّكوعِ قال: سَمِعَ الله لمن حَمِدَه، ثم كَبَّرَ للسُّجود، كيف يقال: هذا مطمئنٌ؟ كيف يُقال لشخص لمَّا رَفَعَ مِن السُّجود قال: الله أكبر، ثم سَجَدَ السَّجدة الثانية، يعني: سَكَنَ لحظة، هذا مطمئنٌ؟
والحكمة مِن الطمأنينة: أنَّ الصلاةَ عبادة، يناجي الإِنسانُ فيها رَبَّه، فإذا لم يطمئنَّ فيها صارت كأنها لَعِبٌ.
فهل نحن متعبَّدون بأن نأتي بحركات مجرَّدة؟ لا والله، ولو كانت الصلاة مجرَّد حركات وأقوال لخرجنا منها بمجرد إبراء الذِّمَّة فقط، أما أن تعطي القلبَ حياةً ونوراً؛ فهذا لا يمكن أن يحصُلَ بصلاة ليس فيها طُمأنينة، والنبيُّ ﵊ قال:«الصَّلاةُ نورٌ»(١) نورٌ في القلب، والوجه، والقبر، فهي على اسمها، هي كلُّها نور، فهل نحن إذا انصرفنا مِن صلاتنا على هذا الوجه نَجِدُ نوراً في قلوبنا؟
إذا لم نَجِدْ؛ فالصَّلاةُ فيها نقصٌ بلا شَكٍّ.
(١) أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء (٢٢٣) (١).