للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا لو سَمِعَ الإنسانُ صوتَ مَلهاة «آلة لهو» سماعاً فقط فإنَّه لا يأثم إذا لم تكن بحضُوره، ولو استمع إليها لأَثِمَ.

مثال السَّامع: إنسانٌ مَرَّ بالسُّوق، وفيه آلة لهو تشتغل بأغانٍ وغيرها.

ومثال المستمع: إنسان آخر لما سَمِعَ هذه الملاهي جلس يستمع إليها. فالثَّاني ـ وهو المستمتع ـ آثم، والأول غير آثم.

وكذلك السَّامعُ بالنسبة لقِراءة القرآن؛ هو الذي مَرَّ وقارئٌ يقرأُ فمرّ بآية سجدة فلا يُسَنُّ له أنْ يسجُدَ؛ لأنَّه ليس له حُكم القارئ، أما المُستمع فيسجد؛ لأنَّ له حُكم القارئ.

والدليل على أن المستمع له حكم القارئ أنَّ موسى قال: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأََهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ﴾ ژ﴾!! ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأََهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ *﴾ ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا﴾ [يونس: ٨٨، ٨٩].

وقوله تعالى: «دعوتكما» مُثَنَّى، والدَّاعي واحد، وهو موسى، فمن أين جاءت التثنية؟

قال العلماء: لأنَّ موسى كان يدعو؛ وهارون يستمِعُ ويؤمِّنُ، فجَعلَ اللهُ تعالى للمستمِعِ حُكم المتكلِّم الدَّاعي.

فإذا قال قائل: كيف لا يُسَنُّ للسَّامع وقد سَمِعَ آيةَ السُّجود وسَجَدَ القارئ؟

نقول: لأنَّه لا يلحقه حُكم القارئ، فليس له ثوابه، ولا يطالب بما يطالب به القارئ، ولهذا قال المؤلِّف: «دون السامع».

<<  <  ج: ص:  >  >>