الثانية:«أو حفر بئراً فوصل إلى الماء» فإن هذا إحياء، لكن ما الذي يملكه بحفر البئر؟ إن كانت البئر للوِرْد ونحوه فإنه يملك حريمها، وسيأتي ـ إن شاء الله ـ بيان ذلك، وإن كانت لسقي الأرض كبئر الزراعة فإنه يملك كل ما أجرى عليه الماء، فإن لم يصل إلى الماء فليس بإحياء لكنه يكون أحق بها من غيره؛ لأنه ابتدأ بالإحياء ولم ينهه.
الثالثة:«أو أجراه إليه من عين ونحوها» فقوله: «أجراه» أي: أجرى الماء إلى الموات «من عين أو نحوها» كالنهر، فإنه يحصل به الإحياء، ولكن ما الذي يُمْلك؟ الجواب: كل ما جرى عليه الماء فهو إحياء.
الرابعة:«أو حبسه عنه ليُزرع» فقد أحياه، فهذه أرضٌ الماءُ فيها كثير لا تصلح للزرع، فإذا زُرِعَ فيها غرق الزرع، فكيف يحييها؟ يحييها بأن يحبس الماء عنها، فإذا حبس الماء عنها لتصلح للزرع فقد أحياها، فكل ما حبس عنه الماء فإنه يعتبر مُحيا يملكه صاحبه، فإجراء الماء إلى الأرض إحياء، ومنع الماء عن الأرض إحياء؛ لأن المقصود أن تتهيأ الأرض للزرع.
وزاد أهل العلم فقالوا: كذلك لو كان فيها أشجار لا يمكن أن تغرس معها أو تزرع فأزال الأشجار فهو إحياء، وكذلك لو كان فيها أحجار متراكمة عليها لا تصلح الأرض مع هذه الأحجار للزرع ثم أزال الأحجار ونقاها فهذا إحياء.
ومن العلماء من يقول: يُرْجع في هذا إلى العرف، فما عده الناس إحياءً فهو إحياء، وما لم يعدوه إحياءً فليس بإحياء، وعللوا