للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ولم تكن اليمين مزيلةً للحق» فاليمين لا تزيل الحق، لكنها ترفع الخصومة فقط.

وظاهر كلام المؤلف أنه إذا قال المدعي: ما لي بينة، ثم أحلفنا خصمه وحلف، ثم أتي بالبينة فإنها تقبل، وهذا القول الذي ذهب إليه المؤلف هو الحق في هذه المسألة، أما المذهب فيقولون: لا تقبل البينة؛ لأنه هو نفسه يكذب البينة؛ لأنه قال: ما لي بينة، فما دام ما لك بينة، فكيف جاءت البينة؟! فأنت أول من يشهد بكذبها، فكيف تدعي بما تشهد أنه كذب؟! هذا هو تعليلهم وهو ضعيف.

لكن الذي مشى عليه المؤلف ـ وهو القول الثاني، في المسألة ـ يقولون: إن قول المدعي: (ما لي بينة) قد يكون بحسب اعتقاده، ويكون له بينة لم يعلم بها، أو يكون له بينة لكن نسيها، أو يكون له بينة ظن أنها ماتت، فقوله: ما لي بينة، ثم إتيانه بعد ببينة لا يستلزم تكذيب البينة أبداً، وليس هنالك لزوم عقلي ولا لزوم شرعي.

ثم لو تنازلنا وقلنا: إن هذا الكلام وهو احتمال النسيان أو الموت مجرد احتمال، فهل العامي يفرق بين قوله: ما لي بينة، وقوله: وما أعلم لي بينة؟!

أبداً، العامي لا يفرق، ولو قيل له: ألست طلقت امرأتك، فقال: نعم، تطلق، ولو كان لغوياً لم تطلق؛ لأنه يفهم «نعم» بمعنى «بلى»، فالعامي في الواقع لا يفرق بين قوله: ما لي بينة، وبين قوله: ما أعلم لي بينة، اللَّهم إلا إذا كان المدعي رجلاً

<<  <  ج: ص:  >  >>