للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدلُّوا: بأن زوال الإِسكار كان بفعل شيء محرَّم، فلم يترتَّب عليه أثره، إِذ التَّخليل لا يجوز؛ بدليل ما رواه أنس أنَّ النبيَّ سُئِل عن الخمر تُتَّخذ خَلًّا؟ ـ أي: تُحَوَّلُ خلًّا ـ قال: «لا» (١). ولأن التَّخليل عمل ليس عليه أمْر الله، ولا رسوله، فيكون باطلاً مردوداً، فلا يترتَّبُ عليه أثرٌ كما قال : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ» (٢).

وقال بعض العلماء: إِنها تطهُر، وتحلُّ بذلك، مع كون الفعل حراماً (٣).

وعلّلوا: أنَّ عِلَّة النَّجاسة الإسكار، والإِسكار قد زال، فتكون حلالاً.

وقال آخرون: إِنْ خلَّلها مَنْ يعتقدُ حِلَّ الخمر كأهل الكتاب؛ اليهود والنَّصارى، حَلَّت، وصارت طاهرة. وإِن خلَّلها مَنْ لا تَحِلُّ له فهي حرام نجسة (٨١١)، وهو أقرب الأقوال. وعلى هذا يكون الخلُّ الآتي من اليهود والنَّصارى حلالاً طاهراً، لأنهم فعلوا ذلك على وجه يعتقدون حِلَّه، ولذا لا يُمنعون من شرب الخمر.

قوله: «أَوْ تَنَجَّسَ دُهْنٌ مائعٌ لم يَطْهُر»، الدُّهن تارة يكون مائعاً، وتارة يكون جامداً، والمائع قيل: هو الذي يتسرَّب أو


(١) رواه مسلم، كتاب الأشربة: باب تحريم تخليل الخمر، رقم (١٩٨٣).
(٢) تقدم تخريجه ص (١٨٧).
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٤٨١ ـ ٤٨٧)؛ «الإنصاف» (٢/ ٣٠٢)؛ «المجموع شرح المهذب» (٢/ ٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>