قوله:«فإن غاب» أي: ربها، أو تغيب، المهم إذا لم يجده عند السفر.
قوله:«حملها معه إن كان أحرز» فإذا غاب صاحبها فإنه يحملها معه، بشرط أن يكون سفره بها أحرز من إبقائها، والغالب أن السفر بها ليس بأحرز؛ لأن السفر يحصل فيه آفات، لكن مع ذلك يقول:«إن كان أحرز».
قوله:«وإلا» يعني وإن لم يكن أحرز.
قوله:«أودعها ثقة» أي جعلها وديعة عند ثقة، فَمَن الثقة؟ الثقة من جمع وصفين: القوة والأمانة، وهذان الوصفان في كل عمل، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ﴾ [القصص: ٢٦] وقال الجني العفريت لسليمان ﵊: ﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ﴾ أي: بعرش بلقيس ﴿قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ﴾﴾ [النمل: ٣٩] فالمراد بالثقة هنا القوي الأمين فلا يودعها ضعيفاً، ولا يودعها غير أمين.
فإن قال قائل: أرأيتم لو أقرضها مليئاً أيجوز؟ فالجواب: لا؛ لأن القرض عقد لا يجوز إلا ممن يملك العقد أو نائبه أو وكيله، وهذا المودَع لم يوكَّل في القرض.
ولاحظ أن الإيداع عند البنوك من باب القرض، والناس يسمون إعطاء البنوك الأموال إيداعاً، وهذه تسمية خطأ، بل هي في الحقيقة قرض، ولهذا ينتفع بها البنك ويدخلها في رأس ماله ويتجر بها ويضمنها لو تلف ماله كله؛ لأنه قرض، والعلماء نصُّوا تصريحاً بأنه إذا أذن المودِع للمودَع أن ينتفع فهذا يعتبر قرضاً.