للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرز، فإنه لا يقطع، مثاله: رجل دخل على مكتبة وفيها كتب، فأحرق هذه الكتب، وقيمتها غالية، لو سرق واحداً من هذه الكتب لقطعت يده، لكنه لم يسرق، وإنما أتلف المال، فنقول في هذه الحال: إنه لا قطع عليه، ولكنه يضمن المال، ويعزر بما يراه الإمام؛ لأن هذه معصية.

قوله: «وأَنْ يُخْرِجَهُ مِن الحِرْزِ» والصواب أن يقول: وأن يكون من حرز؛ لأن الإخراج قد سبق فيما قبل، وهذا هو الشرط الرابع، فيشترط لوجوب القطع أن تكون السرقة من حرز، والحرز هو ما يحصن به المال ويحفظ به.

قوله: «فَإِنْ سَرَقَهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَلَا قَطْعَ» والدليل على ذلك ما قاله النبي في الثمر: «ومن سرق شيئاً منه بعد أن يؤويه الجرين، فبلغ ثمن المجن فعليه القطع، ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة» (١)؛ وذلك لأنه قبل أن يؤويه الجَرين ليس في حرز، والجرين هو الذي يُجمع فيه التمر لييبس، فإذا سرق من غير حرز فلا قطع لهذا الحديث، فيكون الحديث مخصصاً لعموم الآية: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨].

قوله: «وَحِرْزُ المَالِ مَا الْعَادَةُ حِفْظُهُ فِيهِ» «حرز» مبتدأ، و «ما» اسم موصول خبر المبتدأ، و «العادة»: مبتدأ، و «حفظه»: خبر


(١) أخرجه أبو داود في الحدود باب ما لا قطع فيه (٤٣٩٠)، والنسائي في قطع السارق باب التمر يسرق بعد أن يؤويه
الجرين (٨٥١٨)، والحاكم (٤/ ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>