وقوله:«بنيَّة» خرج ما لو انتقل من فرض إلى فرض بتحريمة، والتَّحريمة بالقول، ففي المثال الذي ذكرنا ذكر أنه صَلَّى الظُّهر على حَدَث فانتقل من العصر وكبَّر للظُّهر؟ نقول: بطلت صلاةُ العصر؛ لأنه قطعها وصحَّت الظُّهر؛ لأنه ابتدأها من أوَّلها، ولهذا قيَّده المؤلِّف بقوله:«بنيَّة»، أي: لا بتحريمة.
وقوله:«بَطَلا» هذه العبارة فيها تسامح وتغليب، والصَّواب أن يُقال: بطلت الأُولى، ولم تنعقد الثَّانية؛ لأن البُطلان يكون عن انعقاد، فالبُطلان يَرِدُ على شيء صحيح فيُبطله، لكن هذا من باب التَّسامح والتغليب، كما يُقال: العُمَرَان لأبي بكر وعُمر، والقَمَران للشَّمس والقمر. والخلاف في هذا سهل.
وعُلِمَ من قول المؤلِّف:«انتقل من فرض إلى فرض»، أنَّه إن انتقل من نَفْل إلى نَفْل لم يبطلا، وهذه الصُّورة الثالثة، لكن هذا غير مُراد على إطلاقه؛ لأنَّه إذا انتقل من نَفْل معيَّن إلى نَفْل معيَّن؛ فالحكم كما لو انتقل من فَرْض إلى فَرْض، فلو انتقل مثلاً من راتبة العشاء إلى الوِتر، فالرَّاتبة معيَّنة والوِتر معيَّنة، بطل الأول ولم ينعقد الثاني؛ لأن الانتقال من معيَّن إلى معيَّن يُبطل الأول ولا ينعقد به الثَّاني، سواء أكان فريضة أم نافلة.
وإن انتقل من فَرض معيَّن، أو من نَفْل معيَّن إلى نَفْل مطلق؛ صحَّ. وهذه الصُّورة الرابعة، لكن يُشترط في الفرض أن يكون الوقت متَّسعاً.
والتَّعليل: لأن المعيَّن اشتمل على نيَّتين: نيَّة مطلقة، ونيَّة معيَّنة، فإذا أبطل المعيَّنة بقيت المطلقة.