للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل ذلك أنه ثبت في صحيح البخاري أن النبي أخذ الجزية من مجوس هجر (١)، وهجر هي الأحساء وما حولها وكان فيها مجوس؛ لأنها بجانب أرض الفرس، فأخذ منهم النبي الجزية، ومعلوم أن الرسول إذا أخذ الجزية فهي شريعة.

قوله: «وأهل الكتابين» الكتابان هما التوراة والإنجيل، أنزل الله التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والمتمسكون بالتوراة يقال لهم: اليهود، والمتمسكون بالإنجيل يقال لهم: النصارى، فهؤلاء يعقد لهم بنص القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ *﴾ [التوبة]، «حتى» غائية لا تعليلية، والفرق بينهما: إذا كانت بمعنى إلى فهي غائية، وإذا كانت بمعنى اللام فهي تعليلية، فمثال التعليلية قوله تعالى: ﴿لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا﴾ [المنافقون: ٧]، أما قوله تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ﴾ [التوبة: ٢٩]، فالمعنى إلى أن يعطوا، إذاً فهي غائية.

وقوله تعالى: ﴿عَنْ يَدٍ﴾، قيل: معناها أن يعطوكم الجزية يداً بيد، بمعنى أن الواحد منهم يأتي ويسلم الجزية بيده لا يعطيها خادمه، ويقول له: اذهب بها إلى السلطان أو نائب السلطان، لا، هو بنفسه يأتي بها؛ لأن هذا أذل له مما لو أرسل بها خادمه.


(١) أخرجه البخاري في الجزية/ باب الجزية والموادعة (٣١٥٧) عن عبد الرحمن بن عوف .

<<  <  ج: ص:  >  >>