وقيل:«عن يد»، أي عن قوة منكم عليهم، بمعنى أننا نظهر أننا أقوياء أمامهم حتى يذلوا؛ لأنه كلما قوي الإنسان على عدوه ازداد العدو ذلًّا.
والآية تصلح للمعنيين جميعاً، فهي بمعنى أن الواحد منهم يأتي بها ويسلمها بيده، وأن نريه القوة والبأس حتى يكون ذلك أذل له.
أما ما قاله بعض الفقهاء: من أنه يطال وقوفهم عند تسليمها بحيث نصدُّ عنه أو نتلهى عنه بشيء لأجل إذلاله، ثم إذا أخذها منه تُجَر يدُه بقوة وربما تنخلع يده؛ لأن هذا من باب الإذلال.
لكن الصحيح خلاف ذلك، وأنه يكفي أن يأتوا أذلاء يسلمون الجزية عن يد.
إذاً لا تعقد إلا للمجوس واليهود والنصارى، ومن سواهم لا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتال، فلا جزية، وهذا هو المشهور من المذهب.
واستدلوا بعموم قول النبي ﷺ:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله» إلى آخر الحديث (١)، ففيه أننا نقاتل الناس عامة، خُص منهم المجوس؛ لأنه ثبت بالسنة أن الرسول ﷺ أخذ منهم الجزية، واليهود والنصارى في القرآن، فيبقى سائر الكفار على أنه لا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتال.