وسبق ـ أيضاً ـ أن مؤجر الوقف إذا مات فإن الإجارة تنفسخ إذا كان المؤجِّر هو الموقوف عليه بأصل الاستحقاق، وسبق لنا الخلاف في هذه المسألة، وأن عمل الناس على أن إجارة الوقف لا تنفسخ.
قوله:«ولا بضياع نفقة المستأجر ونحوه» إنسان ـ مثلاً ـ استأجر دكاناً من أجل أن يبيع فيه أموالاً، فاحترقت الأموال، المؤلف يقول: لا تنفسخ الإجارة، ويُلزم هذا الذي احترق ماله بدفع الأجرة؛ لأنه بإمكانه إذا لم ينتفع هو بالدكان أن يؤجره، وربما تكون الأسعار قد ارتفعت بعد، فلهذا لا تنفسخ باحتراق متاع مستأجر الدكان، واختار شيخ الإسلام ﵀ أنها تنفسخ؛ لأن هذا عذر لا حيلة فيه، والدكان قد يؤجر وقد لا يؤجر، وقاسه ﵀ على وضع الجوائح، فإن النبي ﷺ قال:«إذا بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟»(١) وهذا الرجل الذي احترق متاعه لم يقبض المنفعة؛ لأن المنفعة في الإجارة تأتي شيئاً فشيئاً، وهو لم يقبضها وتعذر قبضه إياها بأمر لا قِبَلَ له به، فيكون كالثمر الذي أصابته جائحة، وما ذهب إليه الشيخ ﵀ أولى، لا سيما إذا كان المؤجر يعلم أن هذا إنما استأجر البيت لبيع هذا المتاع الذي احترق، أما إذا كان لا يدري، مثل لو جاءه إنسان واستأجر منه الدكان ولم يقل له شيئاً، فهنا قد يتوجه ما قاله المؤلف ﵀ أن الإجارة لا تنفسخ؛ لأن المؤجر لا يعلم.
(١) أخرجه مسلم في البيوع/ باب وضع الجوائح (١٥٥٤) عن جابر ﵁.