فالأصل فيها التَّحريم؛ لأن العبادة طريقٌ موصلٌ إلى الله ﷿، فإذا لم نعلم أن الله وضعه طريقاً إليه حَرُمَ علينا أن نتَّخذه طريقاً، وقد دلَّت الآيات والأحاديث على
أن العبادات موقوفةٌ على الشَّرع.
قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: ٢١]، فدلَّ على أن ما يَدينُ العبد به ربَّه لا بُدَّ أن يكون الله أَذِنَ به.
وقال ﷺ: «إيَّاكم ومحدثات الأمور، فإِن كُلَّ بدعةٍ ضلالة» (١).
ولا فرق في إِباحة الآنية بين أن تكونَ الأواني صغيرةً أو كبيرةً، فالصَّغير والكبير مباح، قال تعالى عن نبيه سليمان ﷺ: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ
مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ﴾ [سبأ: ١٣].
الجَفْنَة: تشبه الصَّحفة. وقوله: «وقُدورٍ راسيات» لا تُحْمل لأنَّها كبيرة، راسية لكثرة ما يُطبخ فيها، فتبقى على مكانها، ولكن إذا خرج ذلك إلى حدِّ الإِسراف صار
محرَّماً لغيره، وهو الإِسراف
(١) رواه أحمد (٤/ ١٢٦)، وأبو داود، كتاب السنَّة: باب في لزوم السنَّة، رقم (٤٦٠٧)، والترمذي، كتاب العلم: باب ما جاء في الأخذ بالسُّنَّة واجتناب البدع رقم (٢٦٧٦)، وابن ماجه، المقدمة: باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين رقم (٤٢)، وغيرهم كثير؛ من حديث العرباض بن سارية.
والحديث صَحَّحه جمعٌ من أهل العلم منهم: ابن تيمية، وابن القيم، وأبو نعيمٍ، وأبو العباس الدغولي وغيرهم. انظر: «الاقتضاء» ص (٢٦٧)، «إِعلام الموقعين» (٤/ ١٨٠)، «إِجمال الإِصابة» للعلائي (٤٩).