ولو ماطل بذلك، مثل امرأة تزوجت من إنسان بعشرة آلاف مؤجلة إلى شهر شعبان من السنة القادمة، فجاء شهر شعبان ولم يدخل بها والصداق حل، فطلب منها أن تسلم نفسها فقالت: أعطني الصداق، فقال: الصداق مؤجل، فقالت: قد حل الأجل أعطنيه، يقولون هنا: لا تمنع نفسها؛ لأن الصداق وجب مؤجلاً، والتسليم غير مؤجل، فكان عليها أن تسلم نفسها من الأصل قبل حلول الأجل، فانسحب التسليم الواجب قبل حلول الأجل إلى ما بعد حلول الأجل.
والقول الثاني في المسألة: أن الحالَّ قبل التسليم كغير المؤجل، يعني إذا حل الأجل ولم تسلم نفسها وطلب التسليم فلها أن تمنع نفسها؛ لأنه صدق عليه الآن أنه حال، والضرر الذي يحصل لها فيما إذا سلمت نفسها في الحال يحصل لها الآن.
وقولهم: إنه كان مؤجلاً، وإنه كان يلزمها أن تسلم نفسها قبل حلول الأجل، فانسحب الوجوب إلى ما بعده، يجاب عنه بأن هذا صحيح، لكن الزوج لم يطالب بالتسليم إلا بعد أن صار المهر حالًّا، فلا فرق بين الصورتين، وهذا قول في المذهب أيضاً.
الثالثة: إذا سلمت نفسها تبرعاً في الحال؛ ثقة بالزوج على أنه سيسلم المهر، ثم ماطل به، فالمذهب ليس لها أن تمنع نفسها؛ لأنها رضيت بالتسليم بدون شرط، فلا يمكن أن ترجع، ولكن تطالبه، وتحبسه على ذلك.