قوله:«ويُكره إذا كان العلوُّ ذِراعاً فأكثر» أي: يُكره إذا كان الإِمامُ عالياً على المأموم ذِراعاً فأكثر.
ودليله: الحديث: «إذا أمَّ الرَّجُلُ القومَ؛ فلا يَقُمْ في مكانٍ أرفع مِن مقامهم»(١)، ولكن هذا الحديث لا تقوم به الحُجَّةُ.
والجَمْعُ ـ عند من احتجَّ به ـ بينه وبين الحديث الثَّابتِ في الصَّحيحين بأنَّ الرَّسولَ ﷺ صَلَّى بهم على المِنبر: أنَّ المِنبرَ لا يتجاوز الذِّراع غالباً، فيُحمل هذا الحديثُ على ما إذا كان العلوُّ كثيراً، ولكن يبقى النَّظرُ في تقديره بالذِّراعِ.
والجواب: أن درجات المِنبرِ غالباً لا تزيد على الذِّراعِ.
والخلاصةُ: أنَّ المؤلِّفَ ﵀ يرى أنَّه لا بأسَ أن يكون الإِمامُ أعلى مِن المأمومِ، إلا أنَّه يُكره إذا كان العلوُّ ذِراعاً فأكثر.
القول الثاني: أنَّه لا يُكره علوُّ الإِمامِ مطلقاً؛ لأنَّ الحديثَ الذي استدلَّ به الأصحابُ ﵏ ضعيف، والضَّعيفُ لا تقومُ به الحُجَّةُ.
وقيَّدَ بعضُ العلماءِ هذه المسألةَ بما إذا كان الإِمامُ غيرَ مُنفردٍ بمكانِه، فإذا كان معه أحدٌ فإنه لا يُكره؛ ولو زادَ على الذِّراع؛ لأنَّ الإِمامَ لم ينفردْ بمكانِه، وهذا لا شَكَّ أنَّه قولٌ وجيهٌ؛ لأنه إنِ انفردَ الإِمامُ بمكانٍ؛ والمأمومُ بمكانٍ آخر؛ فأين صلاةُ الجماعةِ والاجتماع؟
(١) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب الإمام يقوم مكاناً أرفع من مكان القوم (٥٩٨).