قوله:«ويحلق أو يقصر من جميع شعره»، لو قال المؤلف:«ثم يحلق … » لكان أولى حتى نعرف أنه مرتب، ويحلق جميع الشعر وذلك بالموسى وليس بالماكينة حتى ولو كانت على أدنى درجة، فإن ذلك لا يعتبر حلقاً، فالحلق لا بد أن يكون بموسى، والحكمة من حلق الرأس أنه ذل لله ﷿ لا للتنظيف؛ ولهذا لم يؤمر به في غير الإحرام، فلم نؤمر بحلق رؤوسنا، وأمرنا بحلق العانة ونتف الإبط للتنظيف، وعليه فيكون حلق الرأس عبادة لله نتقرب به إلى الله ﷿.
وقوله:«أو يقصر» هنا للتخيير، ولكنه تخيير بين فاضل ومفضول، والفاضل الحلق؛ لأن النبي ﷺ دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة (١)، وأتى بحرف العطف دون أن يقول:«اللهم ارحم المقصرين» للدلالة على أن مرتبة التقصير نازلة جداً.
ولأن الله قدمه في الذكر، فقال تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ﴾ [الفتح: ٢٧].
ويحلق هو بيده، أو يكلف من يحلقه خلافاً لما قاله بعض العلماء: إنه إذا حلق نفسه بنفسه فعل محظوراً، فنقول لم يفعل محظوراً، بل حلق للنسك.
وأشار المؤلف بقوله:«من جميع شعره»، إلى أن التقصير لا بد
(١) أخرجه البخاري في الحج/ باب الحلق والتقصير (١٧٢٧)، (١٧٢٨)؛ ومسلم في الحج/ باب تفضيل الحلق على التقصير (١٣٠١)، (١٣٠٢) عن ابن عمر وأبي هريرة ﵃.