للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخرون: بل هو سُنَّة وليس بواجب. وهو الرَّاجح.

واستدلُّوا:

أولاً: أنَّ زيدَ بنَ ثابتٍ قَرَأَ على النَّبيِّ سورةَ النَّجم، ولم يسجدْ فيها (١). ولو كان السُّجود واجباً لم يُقرَّه النَّبيُّ على تَرْكِ السُّجود.

فإنْ قال قائلٌ: أفلا يُحتمل أنَّ زيداً ليس على وُضُوء؟

فالجواب: هذا احتمال، لكنه ليس بمتعيِّن، بل الظَّاهرُ أنَّه على وُضُوء، لأنه يبعد أن يقرأَ القُرآنَ على غير وُضُوء.

وأيضاً: لو كان السُّجود واجباً لاستفصلَ منه النَّبيُّ ؛ هل كان على وُضُوء فيسجد، أو على غير وُضوء فلا يسجد، كما استفصلَ النَّبيُّ مِن الرَّجل الذي دخل المسجدَ، والنَّبيُّ يخطب يومَ الجمعة؛ فجلسَ، فقال له النبيُّ : أصليت؟ قال: لا. قال: قمْ فصلِّ ركعتين (٢).

ثانياً: أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ ثَبَتَ عنه في «صحيح البخاري» وغيره أنه قرأ على المِنْبَرِ سورةَ النَّحل، فلما أتى على السَّجدة نَزَلَ مِن المِنْبَرِ وسَجَدَ، فسجدَ النَّاس، ثم قرأها في الجمعة الثَّانية ولم يسجدْ، ثم قال ـ إزالةً للشُّبهة ـ: «إنَّ اللهَ لم يَفِرضْ علينا السُّجودَ إلا أنْ نشاءَ» (٣)، وهذا قولُ عُمرَ ـ


(١) أخرجه البخاري، كتاب سجود القرآن، باب من قرأ السجدة ولم يسجد (١٠٧٣)؛ ومسلم، كتاب المساجد، باب سجود التلاوة (٥٧٧) (١٠٦).
(٢) تقدم تخريجه ص (٨٤).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب سجود القرآن، باب من رأى أنّ الله ﷿ لم يوجب السجود (١٠٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>