للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك ـ أيضاً ـ من الناس من لا يتنعم بقرار الطعام في المعدة، ومن الناس من لا يتنعم بإخراج هذا الأكل بعد أن تفرقت الفائدة في الجسد، إذاً اذكر هذا.

إننا في الحقيقة ـ ونسأل الله أن يغفر لنا ويعفو عنا ـ نأكل كما تأكل الأنعام، أكثر ما نأكل تشهياً فقط، دون أن نذكر هذه النعم التي بأيدينا، وليست من صنعنا، اللهم ذكِّرنا ما نسينا، وعلمنا ما جهلنا.

هذا الأكل الذي تدعو إليه الطبيعة، جعل الله للموفقين فيه عبادات عند البدء به، وعند الانتهاء منه، وفي أثنائه، فأولاً: اذكر أنك تأكل امتثالاً لأمر الله؛ لأن الله أمرك فقال: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا﴾ [الأعراف: ٣١]، ثانياً: تأكل لتحفظ صحتك وعافيتك، حتى في العبادة إذا كنت مريضاً وخفت من الماء، فإنك تتيمم حفاظاً على الصحة، ووقاية للبدن من المرض، ثالثاً: تأكل لتقوى على طاعة الله، ولا سيما في السحور حيث قال النبي : «تسحروا فإن في السحور بركة» (١)، فيكون أكلك الذي تدعو إليه النفس والفطرة عبادة من أجلِّ العبادات.

ثم هناك عبادات مشروعة منها: التسمية عند الأكل، والتسمية عند الشرب، يقول صاحب الروض: «تسن التسمية» (٢)،


(١) أخرجه البخاري في الصوم/ باب بركة السحور من غير إيجاب (١٩٢٣)؛ ومسلم في الصيام/ باب فضل السحور وتأكيد استحبابه … (١٠٩٥) عن أنس .
(٢) الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (٦/ ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>