للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن تيمية ؛ لأن المعاملات ليست عبادات يتقيد الإنسان فيها بما ورد، بل هي معاملات بين الناس، فما عدّه الناس بيعاً فهو بيع، وما عدّوه رهناً فهو رهن، وما عدّوه وقفاً فهو وقف، وما عدّوه نكاحاً فهو نكاح.

فالصواب: أن جميع العقود ليس لها صيغ معينة، بل تنعقد بما دل عليها، ولا يمكن لإنسان أن يأتي بفارق بين البيع وبين غيره، فإذا قالوا مثلاً: النكاح ذكره الله بلفظ النكاح، قلنا: والبيع ذكره الله بلفظ البيع، فهل تقولون: إنه لا بد أن تقول: بعت؟ يقولون: ليس بشرط، إذاً ينعقد بكل لفظ دل عليه عرفاً بإيجاب، وقبول بعده.

قوله: «وقبله» يعني ويصح ـ أيضاً ـ بقبول قبله، لكن في صور معينة، وهذه الصور لا بد أن تكون دالة على العقد، مثل أن يقول: بعني كذا بعشرة، فيقول البائع: بعتك، مع أن ما يدل على القبول قد سبق الإيجاب، لكننا قعَّدنا قاعدة وهي أنه ينعقد بما دل عليه.

لو قال: أتبيعني كذا بكذا؟ فقال: بعتك، هل ينعقد؟ الجواب: لا ينعقد، فإذا قال: بعتك، يقول: قبلت؛ ولهذا قال في الروض (١): «بلفظ أمر أو ماض مجرد عن استفهام ونحوه»؛ لأن المعنى حاصل به، فلو قال: اشتريت منك كذا بكذا، فقال: بعتك، ينعقد؛ لأنه دل على أن الرجل قابل، فصار ينعقد إذا تقدم القبول على الإيجاب بشرط أن يكون دالاً عليه، أما إذا كان لم يدل كمضارع، يستفهم هل تبيعني كذا؟ أو أتبيعني كذا؟ أو ما أشبه ذلك؟ فهذا لا يعتبر قبولاً مرضياً.


(١) «الروض مع حاشية ابن القاسم» (٤/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>