يساء ويغتم، فهذا ليس مراد المؤلف، بل مراده إذا كان شخصاً معيناً؛ ولهذا قال:«مساءة شخص» ولم يقل: مساءة الشخص على سبيل العموم، إذاً إذا علمنا أن هذا الرجل إذا أصاب فلاناً ما يسوؤه فرح وسُرَّ بذلك وصار يتحدث للناس: أفرأيتم ما حصل لفلان، وما حصل لفلان، وما حصل لفلان، وإذا حصل له سرور وفرح اغتم، فهذا عدو؛ لأن الصديق يفرح لفرحك ويغتم لغمك.
على كل حال هذه المسألة في الحقيقة لو أنها وكلت إلى القضاة وقيل: إن الحاكم بإمكانه أن يعرف الأمور بالقرائن لكان هذا له وجه؛ لأن الضابط هنا مشكل، فإذا قلنا: إن التهمة هي المانع فالتهمة قد تقوى وقد تضعف وضبطها مشكل، لكن لو قلنا: إن القاضي ينظر في كل مسألة وفي كل قضية بعينها ويحكم بما أراه الله ﷿ لكان هذا له وجه.
قال في الروض (١): «ولا ـ أي: لا تقبل ـ شهادة من عرف بعصبية، وإفراط في حمية، كتعصب قبيلة على قبيلة، وإن لم تبلغ رتبة العداوة»، هذه كثيراً ما تقع خصوصاً في البادية، بعض الناس ـ والعياذ بالله ـ عنده عصبية وحمية لقبيلته، وعصبية وحمية على قبيلة آخرين، فتجده يشهد لقبيلته سواء كان عالماً بما شهد به أم لم يعلم، ويشهد على قبيلة أخرى سواء كان عالماً أو لم يعلم، هذا يقول المؤلف: لا تقبل شهادته، فإذا عرف أن هذا الرجل متعصب لقبيلته يشهد لها بالحق، وبالباطل، ومتعصب على قبيلة أخرى يشهد عليها بالحق وبالباطل، فإن شهادته لا تقبل.