وقوله:«أو قطع الطريق عليه» قطع الطريق أن يتعرض الإنسان للناس بالسلاح، سواء في البر أو في البلد؛ لأجل أخذ المال منهم غصباً ومجاهرة لا سرقة فهؤلاء هم قطاع الطريق، كما كان في البادية في الزمن السابق يقفون للناس على الطرقات ثم يغصبونهم المال غصباً مجاهرة، وإذا مانع أحد فإنهم ربما يقتلونه، وقد سبق لنا بيان حدهم الذي أوجب الله ـ تعالى ـ عليهم، فإذا شهد رجل على من قطع الطريق عليه، نقول: إن شهادته لا تقبل؛ من أجل التهمة، ولكن كما أسلفنا إذا كان الإنسان عدلاً مبرزاً في العدالة لا يمكن أن يشهد إلا بالحق فإن شهادته تقبل. وقول المؤلف ﵀(كمن شهد) الكاف للتشبيه وعلى هذا فما ذكره مثال لا حصر.
ثم قال مبيناً حد العداوة:«ومن سره مساءةُ شخص أو غَمَّه فرحُه فهو عدوه» هذه العبارة تعتبر ضابطاً في تعريف العداوة، لكن بشرط أن يكون هذا الشيء لشخص معين إذا أتاه ما يسره أساء الآخر، وإذا فرح فإنه يغتم، وليس المراد إذا كان هذا عادة الإنسان مع جميع الناس؛ لأنه لو كان كذلك لكان الحاسد لا تقبل شهادته؛ لأن الحاسد ـ نعوذ بالله من الحسد ـ يسره مساءة الناس، ويغمه فرحهم، كما قال الله تعالى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٥٤]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [النساء: ٣٢]، فكثير من الناس ـ والعياذ بالله ـ قلبه مملوءٌ من الحسد، إذا أتى الناس ما يسوؤهم ـ وإن كان لا علاقة له بهم ـ فإنه يُسَرُّ، وإذا حصل لهم فرح فإنه