عن حق له فهو حق محض للآدمي، فإذا أسقط الآدمي حقه بعوض فلا بأس بذلك، وما المحظور؟! فإذا قال: أنا أعطيك كذا وتنازل عن المطالبة بالشفعة، فلا مانع وهو حق له، وهذا هو الصواب في هذه المسألة، أنه يصح أن يصالح عن حق الشفعة، وتسقط الشفعة.
قوله:«ولا ترك شهادة» أي: لو صالح إنساناً يشهد عليه بحق، وقال له: لا تقم الشهادة عليّ وأعطيك كذا وكذا.
مثاله: إنسان طلق زوجته في حضور شاهدين، ثم أنكر الطلاق، فقالت المرأة: عندي شهود، رجلان يشهدان، فذهب الزوج إلى الشاهدين، وقال: أنا سأعطي كل واحد منكما ألف ريال واتركا الشهادة، فهذا لا يجوز ولا إشكال فيه؛ لأن الله ﷿ يقول: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، ولا يصح بأي حال من الأحوال حتى لو فرضنا أن المسألة حق مالي لا زوجية، فإنه لا يجوز.
وهل يجوز أن يصالح إنساناً يشهد له بغير حق؟
مثاله: ادعى على زيد بأن عنده له ألف ريال، وليس عنده شهود، فذهب إلى رجلين وقال: اشهدا لي وأعطيكما كذا وكذا، فلا يجوز، وفي بعض البلاد يقولون: الشهادة مقننة على حسب الحق، فإذا كان حقّاً كبيراً فالشهادة بمائة ريال، أو صغيراً فبعشرة ريالات، فلا يجوز للإنسان أن يعطي شخصاً ليشهد له، فهذه شهادة زور من أكبر الكبائر.