إذاً؛ هم يتألَّمون بلا شَكٍّ، والحرارة النارية تؤثِّر على أبدانهم ظاهرِها وباطنِها، قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا *﴾ [النساء] وهذا واضحٌ؛ أن ظاهر أبدانهم يتألَّم وينضج، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ﴾ [الكهف: ٢٩]، وشَيُّ الوجه واللَّحم معروف، فهم إذا استغاثوا ﴿يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ﴾ [الكهف: ٢٩] بعد مُدَّة طويلة، وهذا الماء إذا أقبل على وجوههم شواها وتساقطت ـ والعياذ بالله ـ فإذا شَرِبوه قَطَّعَ أمعاءَهم كما قال تعالى: ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾ [محمد: ١٥] وهذا عذاب الباطن، وقال النبيُّ ﵊ في أهونِ أهلِ النَّارِ عذاباً:«إنَّه في ضَحْضَاح مِنْ نار، وعليه نعلان يغلي منهما دماغُه»(١) فإذا كان الدِّماغ يَغْلي، فما بالك بما دونه مما هو أقرب إلى النَّعلين، وهذا دليل واضحٌ على أنَّهم يتألَّمون، وأنَّ هذه النارَ تؤثِّر فيهم، وقال تعالى: ﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ [الحج: ٢٢] أي: المُحرِق، والآيات والأحاديث في هذا كثيرة.
الوجه الرابع: هل هناك ناران: نارٌ لأهل الكفر، ونار لأهل التوحيد الذين يُعذَّبون فيها ثم يخرجون؟
(١) أخرجه البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب (٣٨٨٥)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي ﷺ لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه (٢١٠) (٣٦٠)، وباب أهون أهل النار عذاباً (٢١١) (٣٦١).