للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «بالحمد فقط» أي: بالفاتحة لا يزيد عليها، وهذا هو مُقتضى حديث أبي قتادة الثَّابت في «الصحيحين» أن النبيَّ كان يقرأ في الرَّكعتين الأخريين بفاتحة الكتاب فقط (١)، ولكن في حديث أبي سعيد الخدري ما يدلُّ على أن الركعتين الأخريين يقرأ فيهما؛ لأنه ذَكَرَ أنَّ الرسول كان يقرأ في الرَّكعتين الأوليين بسورة، ولا يطوّل الأولى على الثانية، ويقرأ بالرَّكعتين الأخريين بنصف ذلك (٢).

وهذا يدلُّ على أنه جَعَلَ الرَّكعتين الأوليين سواء، والرَّكعتين الأخريين سواء.

لكن بعض العلماء رجَّحَ حديث أبي قتادة؛ لأنه متفق عليه، وحديث أبي سعيد في مسلم، ولأن حديث أبي قتادة جَزَمَ به الرَّاوي، وأما حديث أبي سعيد فقال: «حزرنا قيامه» أي: خرصناه وقدَّرناه، وفَرْقٌ بين مَن يجزم بالشيء وبين مَن يخرُصُه ويقدِّرُه (٣).

وهذا هو المذهب كما مشى عليه المؤلِّف (٤).

ولكن الذي يظهر أن إمكان الجَمْعِ حاصلٌ بين الحديثين، فيُقال: إن الرَّسولَ أحياناً يفعل ما يدلُّ عليه حديث أبي سعيد، وأحياناً يفعل ما يدلُّ عليه حديث أبي قتادة؛ لأن الصلاة


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب، (٧٧٦)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر (٤٥١) (١٥٤).
(٢) أخرجه مسلم، في الموضع السابق (٤٥٢) (١٥٦).
(٣) «الإنصاف» (٣/ ٥٧٩ ـ ٥٨٠).
(٤) «منتهى الإرادات» (١/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>