للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَلَكَة، فإنْ كان لا بُدَّ ففي التطوّع لا في الفريضة» (١) ولأن الالتفات حركة لا مبرر لها، والأصل كراهة الحركات في الصَّلاة، ولأن في الالتفات إعراضاً عن الله ﷿، فإذا قام الإنسان يُصلي فإنَّ اللهَ تعالى قِبَلَ وجهه، ولهذا حُرِّمَ على المُصلِّي أن يتنخَّعَ قِبَلَ وجهه؛ لأنه مِن سوءِ الأدب مع الله.

ولكن إذا كان الالتفات لحاجة فلا بأس، فمن الحاجة ما جرى للنبيِّ يوم حُنين حيث أرسلَ عيناً تترقَّبُ العدوَ، فكان النبيُّ يُصلِّي ويلتفت نحو الشِّعْبِ الذي يأتي منه هذا العين (٢) ـ والعين هو الجاسوس ـ ولأن النبيَّ أمَرَ الإنسان إذا أصابه الوسواسُ في صلاته أن يَتْفُلَ عن يساره ثلاث مرات، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم (٣)، وهذا التفاتٌ لحاجة.

ومِن ذلك: لو كانت المرأة عندها صبيُّها؛ وتخشى عليه؛ فصارت تلتفت إليه؛ فإن هذا مِن الحاجة ولا بأس به، لأنه عمل يسير يحتاج إليه الإنسان، ثم اعْلَمْ أن الالتفات نوعان:

١ ـ التفات حسِّي بالبدن، وهو التفات الرأس.

٢ ـ التفات معنوي بالقلب، وهو الوساوس والهواجيس التي تَرِدُ على القلب.


(١) ١/ ٢٤٨).
(٢) تقدم تخريجه ص (٣٩).
(٣) أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة (٢٢٠٣) (٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>