للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل الإمام أن يحوِّل اللهُ رأسَه رأسَ حِمارٍ، أو يجعل صورتَه صورةَ حِمار» (١)، إن هذا دليل على تحريم مسابقة الإمام، وقلنا في قوله : «لتسوُّن صفوفكم أو ليخالفَّن اللهُ بين قلوبكم» (٢)، إنَّ فيه دليلاً على القول الرَّاجح، وهو وجوب تسوية الصفِّ.

وهذا الحديث في رَفْع البصرِ إلى السَّماءِ لا يقصر دلالة عن دلالة قوله : «أَمَا يَخشى الذي يرفعُ رأسَه قبل الإِمام أن يحوِّل اللهُ رأسَه رأسَ حِمار، أو يجعل صورتَه صورةَ حِمار»، بل قد يكون أشدَّ وأبلغَ أن يرجع بصرُ الإنسان إلى عمى قبل أن يرتدَّ إليه.

وأما التعليل: فلأن فيه سوء أدب مع الله تعالى؛ لأن المصلِّي بين يدي الله، فينبغي أن يتأدَّبَ معه، وأن لا يرفعَ رأسَه، بل يكون خاضعاً، ولهذا قال عَمرو بن العاص : إنه كان قبل أن يُسْلِمَ يكره النبيَّ كراهةً شديدةً، حتى كان يحبُّ أن يتمكَّن منه فيقتله، فلما أسلَمَ قال: ما كنت أطيق أن أملأ عينيَّ منه؛ إجلالاً له، ولو سُئلت أن أصفه ما أطقتُ (٣).

ولهذا كان القول الرَّاجح في رَفْعِ البصرِ إلى السَّماءِ في الصَّلاة أنه حرام (٤)؛ وليس بمكروه فقط، ولكن إذا قلنا بأنه حرام؛ ثم رَفَعَ بصرَه إلى السَّماءِ؛ فهل تبطل صلاتُه؟


(١) تقدم تخريجه ص (١٣٩).
(٢) تقدم تخريجه ص (٩).
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله (١٢١) (١٩٢).
(٤) «المحلى» (٤/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>