للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل ذلك: حديث وائل بن حُجْر «أن النبيَّ صَلَّى فَرَفَعَ يديه عند تكبيرة الإِحرام، ثم التحفَ بثوبه، ثم وَضَعَ يده اليُمنى على اليُسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب، ثم رَفَعَهما، ثم كبَّر فركع» (١) وهذا الحديث في «صحيح مسلم»، وفيه دليل على أنه لا بأس للمصلِّي إذا كان عليه مشلح مثلاً وأراد أن يكفَّ بعضه على بعض، ولا يدخل هذا في قوله: «لا أكفُّ شعراً ولا ثوباً» (٢) لأن كلَّ شيء بحسبه، ومن هنا يتبيَّن أن كَفَّ الغُترة في حال الصَّلاةِ إلى الخلف لا بأس به، لأنه من اللبس المعتاد، فما كففتها كفًّا أخرجها عن ما يعتاده الناس فيها، وكذلك لو لفَّها على رقبته فإنه لا بأس به أيضاً؛ ولو كَفّ أحد طرفي غترته حول رقبته، وسدلَ الأخرى، فإنه لا بأس به أيضاً؛ لأن كلَّ هذه من الألبسة المعتادة، فلا تُعَدُّ كفاً خارجاً عن العادة، ولهذا التحفَ النبيُّ بردائه كما سبق، والالتحاف كفُّ بعضه على بعض.

قوله: «وقتل حية وعقرب» أي: له قَتْلُ حَيَّة، واللام هنا للإباحة، ولكن الإباحة هنا لبيان رَفْعِ الحرج، فلا ينافي أن يكون ذلك مستحبًّا ومشروعاً، فللمصلِّي أن يقتل الحيَّةَ، بل يُسَنُّ له ذلك؛ لأن النبيَّ أَمَرَ به فقال: «اقتلوا الأسْودَين في الصَّلاةِ: الحيَّةَ والعقربَ» (٣).


(١) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب وضع اليد اليمنى على اليسرى (٤٠١) (٥٤).
(٢) تقدم تخريجه ص (١٠٩).
(٣) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٢٣٣)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب العمل في الصلاة (٩٢١)؛ والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة (٣٩٠)؛ والنسائي، كتاب السهو، باب قتل الحيَّة والعقرب في الصلاة (٣/ ١٠)؛ وابن ماجه، كتاب الصلاة، باب ما جاء في الحية والعقرب (١٢٤٥)؛ وصححه ابن خزيمة (٨٦٩)؛ والحاكم (١/ ٢٥٦) ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>