الرُّكنين، وبينهما فَرْقٌ؛ لأننا لو قلنا: يُشترطُ الاستيعاب؛ لقلنا مِن حين ما تَشرع في الهوي إلى السُّجود ابدأْ بالتكبير، ولا ينتهي إلا إذا وضعت جبهتك على الأرض، فلو أنهيته قبل ذلك لم يصحَّ، لكننا لا نقول: بأنه يشترط، بل نقول: إنه لا بُدَّ أن يكون بين الرُّكنين، فلو بدأَ به قبلُ أو كَمَّله بعدُ لم يجزئ.
القول الثاني (١) في هذه المسألة: أنه يُعفى عن السَّبْق أو التأخّر بشرط أن يكون لموضع الانتقال حظٌّ من هذا الذِّكْر، أي: لو بدأ بالتكبير قبل الهوي وكمَّله في حال الهوي أجزأ، ولو بدأ به في أثناء الهوي وأكمله بعد الوصول إلى السُّجود أجزأ، وهذا القول أصحُّ، وهو الذي لا يَسَعُ الناس العمل إلا به، لأن القول الأول فيه مشقَّة، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٧] وقال: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] ولو أننا أخذنا بالقول الأول لوجدنا أن كثيراً من الناس اليوم لا تصحُّ صلاتُهم.
وبعضُ الأئمة يَجتهدُ اجتهاداً خاطئاً، ولا يبدأ بالتكبير إلا إذا وَصَلَ للرُّكن الذي يليه، ويقول: لو شرعت بالتكبير قبل أن أَصِلَ للرُّكوع مثلاً لسابقني الناسُ؛ فأسدُّ الباب عليهم حتى لا يسبقوني، لكن هذا اجتهادٌ خاطئ، لأنه مخالفٌ للسُّنَّة، فلم يكن الرسولُ ﷺ يفعل هذا، وهو أدرى منك بمصالح الخَلْقِ ﷺ، وأحرصُ منك عليها، فعليك أيُّها الإِمام أن تفعل ما تُؤمرُ به، وعلى المأمومين أن يفعلوا ما يؤمرون به.