واعلم أنَّ «عدا» إذا اقترنت بها «ما» وَجَبَ نصب ما بعدها؛ لأنَّها تتعيَّن أن تكون فِعْلاً، وإنْ لم تقترن بها «ما» جاز فيما بعدها وجهان:
١ ـ الجر على أنها حرف جر.
٢ ـ النصب على أنَّها فِعْل.
قوله:«سُنَّة» السُّنَّة في اصطلاح الفقهاء: هي ما أُمِرَ به لا على سبيل الإِلزام بالفعل. فتجتمع هي والواجب في أن كلًّا منهما مأمور به، وتنفصل عن الواجب أن: الواجب على سبيل الإِلزام، والسنَّة على غير سبيل الإِلزام.
فإن قال قائل: أيُّها أفضل الواجب أم السُّنَّة؟
قلنا: الأفضل الواجب بدليل السمع والعقل:
فالدليل السمعي: قوله ﷾ في الحديث القُدسي: «ما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه»(١) وهذا صريح.
والدليل العقلي: أن إيجاب الله له على العباد يدلُّ على تأكُّده، وأنه لا يستقيم الدِّين إلا به، وعَدَم إلزام الله العباد بالسُّنَّة يَدلُّ على أنها ليست كتأكُّد الواجب، وما كان أوكد ففعله أحبّ إلى الله بلا شَكٍّ، ولولا محبَّة الله له ما ألزم به العباد، ومِن العجيب أن الشيطان يُخفِّفُ على الإِنسان أن يتصدَّق بالعشرة مِن
(١) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب التواضع (٦٥٠٢).