للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء كان مِن سُنَنِ الأقوال أم الأفعال؛ لعموم حديث ابن مسعود أن النبي قال: «إذا نسيَ أحدُكم فَلْيَسْجدْ سجدتين» (١)، ولأنه إذا طُلب منه السجود انتبه لفعله حتى لا يتكرَّر منه السُّجود في كلِّ صلاة؛ لأن الغالب نسيان تلك السُّنَن؛ خصوصاً مَنْ لم يُواظب عليها.

وهذا الذي ذكره المؤلف ـ مِن كونه لا يُشرع السجود لتركه، وأنه إنْ سجد فلا بأس به ـ يدلُّ على قاعدة مفيدة وهي: أنَّ الشيء قد يكون جائزاً، وليس بمشروع، أي: يكون جائزاً أن تتعبَّد به، وليس بمشروع أن تتعبَّد به، وقد ذكرنا لهذا أمثلة فيما سبق يحضرنا منها:

أولاً: فِعْلُ العبادة عن الغير، كما لو تصدَّقَ إنسان لشخص ميت، فإن هذا جائز؛ لكن ليس بمشروع، أي: أننا لا نأمر الناس بأن يتصدَّقوا عن أمواتهم؛ لأن النبي لم يأمرْ به، ولم يفعله هو بنفسه حتى يكون مشروعاً، فهو لم يقل للأمة: تصدَّقوا عن أمواتكم، أو صوموا عنهم، أو صلُّوا عنهم، أو ما أشبه ذلك، ولم يفعله هو بنفسه، غاية ما هنالك أنه أَمَرَ من مات له ميت وعليه صيام أن يصوم عنه (٢) لكن هذا في الواجب، وفَرْقٌ بين الواجب وغير الواجب.


(١) أخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة (٥٧٢) (٩٤).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الصيام، باب من مات وعليه صوم (١٩٥٢)؛ ومسلم، كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت (١١٤٧) (١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>