للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الشُّرب: فتبطل بالشُّرب الكثير عمداً، أو سهواً، ولا تبطل باليسير سهواً، ولا تبطل أيضاً باليسير عمداً إذا كانت نَفْلاً، وعَلَّلوا ذلك بأثر ونظر:

أما الأثر: فقالوا: إنَّ عبد الله بن الزبير وعن أبيه: كان يطيل النَّفْل وربما عَطِشَ فشرب يسيراً (١). وهذا فِعْلُ صحابي، وفِعْلُ الصَّحابي إذا لم يعارضه نصٌّ أو فعْلُ صحابي آخر فهو حُجَّة.

وأما النَّظر: فلأن النَّفْل أخفُّ من الفَرْض، بدليل أن هناك واجبات تسقط في النَّفْل، ولا تسقط في الفَرْض، كالقيام، واستقبال القِبْلة في السفر، فإذا كان النَّفْلُ أخفَّ وكان الإِنسان ربَّما يطيله كثيراً فيحتاج للشُّرب سُمِحَ له بالشُّرب اليسير تشجيعاً له على النَّافلة.

فإذا قال قائل: إذاً فسامحوا بالأكل اليسير عمداً.

قلنا: لا، فهناك فَرْق بين الأكل والشُّرب، فالأكل يحتاج إلى مضغ وحركات أكثر، والحاجة إليه في الصَّلاة أقلُّ. وأما الشُّرب فإنه لا يحتاج إلى ذلك، والحاجةُ إليه في الصَّلاة كثيرة.

وظاهر قول المؤلِّف: «يسير شُرب» أنه لا فَرْقَ بين أن يكون الشُّرب ماءً أو لبناً، أو عصيراً، أو نحو ذلك، لكن الأصحاب قالوا: إنَّ بَلْعَ ذوب السُّكَّر في الفم كالأكل (٢).

وبعضهم قال: كالشُّرب.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٢٢٥).
(٢) «المنتهى مع شرحه» (١/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>