للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقاعدة الآن منضبطة طرداً وعكساً، فسجود السَّهو واجب لكل فِعْلٍ أو تَرْكٍ إذا تعمَّده الإِنسان بطلت صلاتُه، لكن يجب أن تُقيَّد هذه القاعدة بما إذا كان مِن جنس الصَّلاة كالرُّكوع، والسُّجود، والقيام، والقعود، فيخرج كلام الآدميين مثلاً، فإن عمده يبطل الصَّلاة، وسهوه لا يبطلها على الصَّحيح، ولا يوجب سجود السَّهو.

مسألة: لو قرأ وهو راكعٌ أو ساجدٌ نسياناً فهل يجب أن يسجدَ للسَّهو، أو يُسَنُّ؟

الجواب: جمهور أهل العلم لا يرون الوجوب؛ لأنَّهم لا يرون بُطلان الصَّلاة بتعمُّد القراءة في الرُّكوع، والسُّجود (١).

وقال بعض العلماء وبعض الظَّاهرية: إذا تعمَّد القراءة في الرُّكوع والسُّجود بطلت صلاتُه؛ لأن النبيَّ قال: «ألا؛ وإنِّي نُهيتُ أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً» (٢). فإذا قرأ القرآن وهو راكع أو ساجدٌ فقد أتى بما نهى الشَّارعُ عنه فتبطل الصَّلاة، كما لو تكلَّم، قال زيد بن أرقم: «أُمرنا بالسُّكوت ونُهينا عن الكلام» (٣)، وهو دليل قويٌّ لكنه عند التأمل نجد الفَرْق بين «نُهينا عن الكلام» وبين «نُهيتُ أن أقرأ القرآن» أنَّ النهيَ عن قراءة القرآن نهيٌ عن قراءته في هذا المحلِّ؛ لا عن قراءته مطلقاً، فإن القرآن قول مشروع في الصَّلاة، بل رُكن فيها في الجملة، فالفاتحة


(١) «المجموع» (٤/ ١٤).
(٢) تقدم تخريجه ص (٨٧).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب العمل في الصلاة، باب ما ينهى من الكلام في الصلاة (١٢٠٠)؛ ومسلم، كتاب المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة (٥٣٩) (٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>