وقوله:«اللَّهُمَّ» أصلُه: يا اللهُ، لكن حُذِفت ياءُ النِّداءِ، وعُوِّضَ عنها الميمُ وبقيت «الله»، وإنما حُذفت الياءُ لكثرةِ الاستعمالِ وعُوِّضَ عنها الميمُ للدّلالةِ عليها، وأُخِّرت للبَدَاءة باسم الله، وجُعلت ميماً للإشارة إلى جَمْعِ القلب على هذا الدُّعاءِ؛ لأن الميم تدلُّ على الجَمْعِ.
وقوله:«اهْدِني فِيمَنْ هَدَيتَ» الذي يقول: «اللَّهُمَّ اهْدِني» هو المنفردُ، أما الإمام فيقول:«اللَّهُمَّ اهْدِنَا» وقد رُوي عن رسولِ الله ﷺ: «مَنْ أمَّ قوماً فَخَصَّ نفسَه بالدُّعاءِ فقد خَانَهم»(١) لأنَّه إذا دعا الإمامُ فقال: «اللَّهُمَّ اهْدِني» والمأمومون يقولون: آمين؛ صار الدُّعاءُ له، والمأموم ليس له شيء، إلا أنه يؤمِّنُ على دُعاءِ الإمامِ لنفسِهِ، وهذا نوعُ خِيانةٍ.
وقوله:«اللهم اهْدِني فِيمَنْ هَدَيتَ» أي: في جُمْلة مَنْ هديتَ، وهذا فيه نوعٌ مِن التوسُّلِ بفِعْلِ الله ﷾، وهو هدايتُه مَنْ هَدى، فكأنَّك تتوسَّلُ إلى الله الذي هَدى غيرَك أنْ يهديَكَ في جُملتِهم، كأنَّكَ تقول: كما هَديتَ غيري فَاهْدِني.
والهداية هنا يُرادُ بها: هدايةُ الإرشاد، وهدايةُ التوفيق.
فهدايةُ الإرشادِ: ضِدّها الضَّلالُ.
وهدايةُ التوفيقِ: ضِدُّها الغَيُّ.
فأنت إذا قلتَ:«اللَّهُمَّ اهْدِني» تسألُ الله ﷾
(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٢٨٠)؛ والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يخصَّ الإمام نفسه بالدُّعاء (٣٥٧) وحسّنه؛ وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب ولا يخصُّ الإمام نفسه بالدُّعاء (٩٢٣).