في «طاعون عَموَاس» الذي وقع في الشَّام، في عهد عُمرَ بن الخطَّاب ﵁.
وهذا النَّوع من الوباء إذا نَزَلَ بالمسلمين فقد اختلف العُلماءُ ﵏ هل يُدعى بِرَفْعِهِ أم لا؟
فقال بعضُ العلماءِ: إنه يُدْعَى برَفْعِهِ؛ لأنَّه نازلةٌ مِن نوازل الدَّهر، وأيُّ شيءٍ أعظمُ مِن أنْ يُفني هذا الوباءُ أمَّةَ محمَّدٍ، ولا مَلجأ للنَّاس إلا إلى الله ﷿، فيدعون الله ويسألونه رَفْعَهُ.
وقال بعضُ العلماءِ: لا يُدعَى برَفْعِهِ. وعلَّل ذلك: بأنه شهادة، فإن الرَّسول ﷺ أخبر:«بأنَّ المَطْعُونَ شَهيدٌ»(١) قالوا: ولا ينبغي أنْ نَقْنُتَ مِن أجْلِ رَفْعِ شيءٍ يكون سبباً لنا في الشَّهادة، بل نُسَلِّمُ الأمرَ إلى الله، وإذا شاء اللهُ واقتضت حكمتُه أنْ يرفعَه رَفَعَهُ، وإلا أبقاه، ومَن فنيَ بهذا المرض فإنَّه يموت على الشَّهادة التي أخبر عنها النبيُّ ﷺ.
قوله:«فيقنُتُ الإمامُ في الفرائض». «فيقنتُ» برفع الفعل استئنافاً، أي: إلا أنْ تَنْزِلَ فحينئذٍ يقنتُ الإمامُ في الفرائض، ولم يبيّن المؤلِّفُ حُكْمَ هذا القُنُوتِ، لكنه استثناه مِن الكراهة، وإذا استُثْنِيَ مِن الكراهة، وثبت فعلُه في الصَّلاة فإنه يكون مستحبًّا، لأنه إذا ثبت فعلُه في الصَّلاة لَزِمَ أنْ يكون مِن أذكار الصَّلاة وحينئذٍ يكون مستحبًّا.
وعلى هذا؛ فقول المؤلِّفِ:«فيقنتُ الإمامُ» أي: استحباباً،
(١) أخرجه البخاري، كتاب الطب، باب ما يُذكر في الطاعون (٥٧٣٣)؛ ومسلم، كتاب الإمارة، باب بيان الشهداء (١٩١٤) (١٦٤).