للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس أن النَّبيَّ كان يُصلِّي في شهر رمضان عِشرين رَكعة (١)، لكن هذا الحديث ضعيف لا يصحُّ عن النَّبيِّ ، والذي صَحَّ عنه ما روته عائشةُ أمُّ المؤمنين أنه كان لا يزيدُ على إحدى عشرة رَكعةً. فقد سُئلت: كيف كانت صلاةُ النَّبيِّ في رمضان؟ فقالت: كان لا يزيدُ في رمضانَ ولا غيره على إحدى عشرة ركعة (٢). وهذا نصٌّ صريحٌ مِن عائشةَ، وهي مِن أعلم النَّاس به فيما يفعله ليلاً.

فإنْ قال قائل: قد ذُكر عن عُمرَ أنه أمر أُبيَّ بنَ كعب أنْ يُصلِّي بالنَّاس بثلاث وعشرين ركعة؟.

قلنا: هذا أيضا ليس بصحيح، وإنما روى يزيدُ بنُ رومان قال: «كان النَّاسُ يصلُّون في عهد عُمرَ في رمضان ثلاثاً وعِشرين ركعةً» (٣) ويزيد بنُ رُومان لم يدركْ عهدَ عُمرَ، فيكون في الحديث انقطاعٌ. ثم الحديث ليس فيه نصٌّ على أنَّ عُمرَ اطَّلعَ على ذلك فأَقرَّه، ولا يَرِدُ على هذا أنَّ ما فُعل في عهد النَّبيَّ ولم يُنكرْه فإنه يكون مرفوعاً حكماً؛ لأن الرسول إنْ كان عَلِمَه فقد أقرَّه، وإنْ لم يكن عَلِمَه فقد أقرَّه الله تعالى، ولكن روى مالكٌ في «الموطأ» بإسنادٍ مِن أصحِّ الأسانيد أن عُمرَ بن الخطاب أَمَرَ تَميماً الدَّاريَّ وأُبيَّ بنَ كعب أنْ يقوما بالنَّاس بإحدى عشرةَ ركعةً (٤). وهذا نصٌّ صريحٌ، وأَمْرٌ مِن عُمرَ ، وهو اللائقُ به ، لأنَّه مِن أشدِّ النَّاسِ تمسُّكاً بالسُّنَّةِ، وإذا كان الرَّسولُ لم يَزِدْ على إحدى عشرةَ ركعةً، فإنَّنا نعتقد بأن عُمرَ بنَ الخطَّاب


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٢/ ٣٩٤)؛ والبيهقي (٢/ ٤٩٦) وقال: «ضعيف». وانظر كلام الشيخ أعلاه.
(٢) تقدم تخريجه ص (١١).
(٣) أخرجه مالك في «الموطأ»، كتاب الصلاة، باب ما جاء في قيام رمضان (٣٠٣)؛ والبيهقي، كتاب الصلاة، باب ما روي في عدد ركعات القيام في شهر رمضان (٢/ ٤٩٦). وانظر كلام الشيخ أعلاه
(٤) تقدم تخريجه ص (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>